الشونيزية او بغداد قديما

الشونيزية
بغداد هي عاصمة المسلمين في فترة خلافة بني العباس والذي امر ببنائها الخليفة أبو جعفر المنصور، واسماها (مدينة السلام)الذي لم يكتب له الرواج لكن الخلفاء استخدموه في مسكوكاتهم(1)، ولكنها اشتهرت ببغداد نسبة إلى (سوق بغداد) وهو سوق موسمي، يجتمع فيه التجار من الاعاجم والعرب ويتبادلون فيه سلعهم(2).

الشونيزية

الشونيزية(3) بالضم ثم السكون ثم نون مكسورة، وياء مثناة من تحت ساكنة وزاي واخره ياء النسبة. هذا الموقع هو في الجانب الغربي لبغداد ويعرف الآن بجانب (الكرخ) والذي بنيت فيه مدينة المنصور المدورة، وان بغداد لم تكن عامرة قبل أن يختطها المنصور، وانما كانت قرية من قرى طسوج(*) بادوريا(**) اي انها لم تكن بغداد مدينة في ايام الاكاسرة والاعاجم.(4) وكانت قبل بناءها مزرعة تعود ملكيتها لستين شخصا من البغداديين يقال لها المباركة، فعوضهم المنصور وارضاهم.(5) وانها كانت ماهولة بالسكان منذ عهد البابليين(6) اي ان موضع بغداد كان ماهولا بالسكان قبل أن يمصرها الخليفة أبو جعفر المنصور، ويبتاع الأرض من اصحابها(7).ومعنى الشونيزية أو الشونيز(***) :هي الحبة السوداء( 8 ) وذلك لانتشار القبور على ارضها المنبسطة، والتي عرفت فيما بعد بـ(مقابر قريش) ثم مدينة الكاظمية حاليا.

والشونيزية تنقسم إلى قسمين :

القسم الأول
يعرف(بالشونيزية الكبرى) وهي مقابر قريش وتضم رفاة عدد من أبناء الخلفاء واقاربهم من القرشيين واشهر من يرقد فيها سيدنا موسى بن جعفر المعروف بالامام الكاظم المتوفى عام(183 هجرية) وحفيده محمدالجوادالمتوفى عام(220 هجرية).ولكن أول من دفن فيها هو جعفرالأكبر بن ابي جعفر المنصور المتوفى سنة(150 هجرية) بعد تشييد بغداد، ثم دفن فيها بعد ذلك الامين بن هرون الرشيد سنة(198 هجرية) ومن ثم والدته الست زبيدة عام (216 هجرية). وقد ذكر اماكن هذه القبور والمشاهد ابن الاثير في حوادث سنة 433هـ عندما حدثت الفتنة في بغداد والناس قصدوا مشهد باب التبن(محلة في الشوينزية) فأغلق بابه فنقبوا في سوره وتهددوا البواب فخافهم وفتح الباب فدخلوا ونهبوا ما في المشهد من قناديل ومحاريب ذهب وفضة وستور وغير ذلك ونهبوا ما في الترب والدور وأدركهم الليل فعادوا‏.‏ فلما اكن الغد كثر الجمع فقصدوا المشهد وأحرقوا جميع الترب والآزاج واحترق ضريح موسى وضريح ابن ابنه محمد بن علي والجوار والقبتان الساج اللتان عليهما واحترق ما يقابلهما ويجاورهما من قبور ملوك بني بويه معز الدولة وجلال الدولة ومن قبور الوزراء والرؤساء وقبر جعفر بن أبي جعفر المنصور وقبر الأمير محمد بن الرشيد وقبر أمه زبيده وجرى من الأمر الفظيع ما لم يجر في الدنيا مثله‏.‏(9)

القسم الثاني

يعرف(بالشونيزية الصغرى)وأيضا تضم رفاة ومقامات واضرحة لعدد من اعلام ومشاهير بغداد وعلى راسهم مرقد النبي(يوشع) ويقال انه أحد انبياء بنو إسرائيل ويذكر الخطيب البغدادي ان النبي يوشع مدفون في بغداد في الجانب الغربي بمنطقة يقال لها الشونيزية مستندا إلى وصية عبد الله بن أحمد بن حنبل بان يدفن إلى جوار نبي احب اليه من أن يكون في جوار ابيه.وهذه الوصية تؤكد على وجود النبي يوشع في هذه المنطقة(10).وهناك تل يسمى تل اليهود دفن بقربه الشاعر المعروف أبو نؤاس (11). وزاره الرحالة الدنماركي نيبهر وقال عنه(بقرب بهلول يقصدبهلول بن دانة الكوفي يرى اليوم بناء صغير حقير فيه قبر يسمى يوشع الذي يكثر اليهود زيارته(12).وعلى مقربة منه يرقد مشاهير متصوفة بغداد انذاك واذكر منهم الشيخ الجنيد البغدادي والسري السقطي وذنون المصري وعلى مسافة غير بعيدة تستطيع ان تشاهدمرقد الشيخ معروف الكرخي(مقبرة باب الدير-لوجود دير للنصارى انذاك). وبقربه التل الاحمر ويقال انه المكان الذي اعدم به المتصوف منصورالحلاج(****).وأيضا ترى القبة المقرنصة وترقد تحتها زمرد خاتون المتوفاة(599هجرية-1202ميلادية)،وتعرف خطأ بقبر الست زبيدة زوج الخليفة العباسي هرون الرشيد(13).وهنك رباط الشونيزية الذي كان يتمتع بخزانة من الكتب الموقوفة(14). وخلف ضريح النبي يوشع يرقد (بهلول الكوفي) والى جوار مرقد بهلول مباشرة بل ملاصق له مقام(بابانانك) المؤسس والزعيم الروحي لطائفة السيخ في الهند....مااردت قوله ان الشونزية هي الاسم القديم لبغداد، وما بغداد الا سوقا في مدينة السلام كما سماها الخليفة المنصور.

مصــادر

(1)المقدسي، احسن التقاسيم، ص121. (2)ابن الاثير، الكامل في التاريخ، ج4،ص236. (3) الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج1،ص122. (*)طسوج :لفظة فارسية تعني المنطقة الزراعية، أو الأرض المزروعة(انظر:ابن منظور، لسان العرب، ج2،ص141. (**)بادوريا: طسوج من كورة الاستان بالجانب الغربي من بغداد.وهو اليوم محسوب على كورة نهر عيسى بن علي.وقالوا ما كان من شرقي الصراة فهو بادوريا، وماكان غربها فهو قطربل.(انظر : ياقوت الحموي، معجم البلدان، ج2،ص29 وص30. (4)اليعقوبي، البلدان،(الطبعة الاوربية)،ص238. (5)الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج7،ص619. (6) أحمد بن عمر رستة، الاعلاق النفيسة، ص108. (7) البلاذري، فتوح البلدان، ص414. ( 8 ( معجم أسماءالنبات(نبات الشونيز). (***)قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الشونيز دواء من كل داء إلا السام وهو الموت). تخريج السيوطي (ابن السني في الطب عبد الغني في الإيضاح) عن بريدة. تحقيق الألباني (صحيح) انظر حديث رقم : 3738 في صحيح الجامع. (9)ابن الاثير،الكامل في التاريخ ،حوادث سنة 344 هـ،ج6 ص158. (10)الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج1،ص121. (11)نفس المصدر، ج7،ص448. (12)يوسف رزوق غنيمة ،نزهة المشتاق في تاريخ يهود العراق، ص234. (****)هذه المعلومات تم الحصول عليها من الاشخاص المسؤولين على المنطقة خلال الزيارة الميدانية التي قام بها الباحث وليد الصكر فيها. (13)الدكتور عبدالحسين مهدي الرحيم، الخدمات العامة في بغداد، ط1،ص164. (14)نفس المصدر، ص173وص174وص354.